خبز جدي اليوم

خبرٌ ساخن مع رائحةٍ عجيبة تحرّك عندك إحساسين أو أكثر , تشعر بالسعادة , إلى جانب جمالها تفتح عندك باب الشهية لتأخد أول خبزةٍ قد خرجت من الفرن وهي محمرة , وجهها كصبية في العشرين من العمر , سخونتها تدفعك للإحساس بذلك النوع من الدفء في أيام الشتاء الباردة , أنها أميرة متوجة على عرش جدي
تلك رؤيته  لكل خبزة يصنعها , منذ البدء بالعجن حتى خروج الخبزة من الفرن ” بيت النار ” كما يحلو لجدي تسميته , قلبه معلق معها , يريدها خبزة مثالية , تجمع الشكل والطعم واللون , كأنها أحد من أبناءه يرقص أمامه , منتهى السعادة عندما يسمع كلمات الشكر من الناس ” الله يسلم إيديك يا عمي على هالخبزات ” , عندما يسمع كلمات الثناء على عمله ينسى تعبه , يصبح للألم الذي وصل لكل جسمه متعة ما بعدها متعة
يحمّر وجهه و يصل إلى حالات الغضب تلك عندما تخرج حبيبته من الفرن ولم تكن على ما يتوقعه من جمال , أعلم أن الإنسان يوم زفافه يتوقع أن تكون زوجته بأجمل حلة , يتنظرها بفارغ الصبر متوقعاً نتيجة مذهلة , كأن أعراس جدي لا تنتهي , يريد زوجاته كلن بأبهى حلة …
ينتهي من عمله وهوايته وشغفه ,أهنئه لقد إستطاع أن يجمعهم كلهم مع بعضهم بآن واحد , فخرجت خبزته كما لم تخرج من يد فران من قبل , ينتهي من عمله مع إبتسامة ليلة مع بعد العرس , هل الماء ساخن يسأل جدتي وتلك قصة أخرى من قصص جدي فهما متزوجان منذ أن كان عمرهما خمسة عشر عاماً , تقول له نعم لقد أعددت لك ثيابك
أن التفاهم الغريب بينهما يدفعني للجنون فهما لم يعرفا بعضهما إلا في ليلة العرس وبعد ذهاب الناس , نجاحهما في بناء هذه العائلة و البقاء على نظرة الحب الأولى وهما في السبعين , مجرد ذلك يصيبني بهزات زمانية تجعل عشقي لذلك الزمان أكبر وأكبر
ما السر وراءك يا جدي , أهو فيك أنت , أم في الخبز , أم في زمانك , تذوقتُ الخبز كما لم أتذوقه من قبل , فهمت ما تقصد , الخبز فقط يا جدي , أم  الذي يصنع الخبر , أم ذلك الخبز والخبّاز  هما أمر عادي , الزمن هو المختلف
لذّة إعطاءكَ سمعي لا تضاهيها لذّة …
سأظل أسمعك و أسمعهم , يتكلمون عن ذلك الجميل المختبئ في الزمان  , عن ذلك الماضي البعيد